وقعوا على النداء

Contents

بعد عشر سنوات من التئام المنتدى العالمي حول الإصلاح الزراعي FMRA (فلنسيا 2004) و انعقاد الندوة الدولية حول الإصلاح الزراعي و التنمية الريفية CIRADR (بورتو أليقري 2006) و في سياق السنة الدولية للفلاحات العائلية AIAF، نحن الممضون أسفل هذا النداء ، نؤكد على أن يجتمع مجددا كل الفاعلين الاجتماعيين و المؤسسات المعنية في حوار مفتوح بهدف التقدم في التفكير حول تحسين شروط نفاذ الفلاحين الفقراء للأرض والماء و للموارد الطبيعية.
فالوضع الحالي المتسم باستمرار آفة الجوع و النمو الديموغرافي و الإقصاء و البطالة المكثفة و الأزمة البيئية و فقدان السيادة الغذائية ، فضلا عن الاحتكارات العقارية و الكراءات والتمتع باللزمات ، … يدعونا اليوم أن نتناول من جديد قضية النفاذ للأرض و لموارد الإنتاج . ذلك أنه ،و لئن كانت المردودية المالية للاستثمارات مؤكدة في اغلب الأحيان ، فقد بات من الواضح أنها لا تؤمن النجاعة الاقتصادية و لا مصلحة السكان المعنيين و لا مصلحة الأجيال القادمة. فهل أن الخيار القاضي بتشجيع المؤسسات الفلاحية المعتمدة على إنتاج عدد قليل من الزراعات و المستهلكة بشكل واسع للمواد الكيمياوية المركبة و للطاقات الأحفورية و ترتكز على تشغيل العمال الأجراء, سيفضي فعلا إلى نمو ذا بال للإنتاج و للثروة المنتجة ؟ هل سيسمح بخلق مواطن شغل و مداخيل بالنسبة إلى مئات الملايين من النشطين الذين هم اليوم على طريق الإقصاء, و مثلهم , بل و اكثرهم عددا من الذين سيدخلون سوق الشغل؟ هل يمكن للثورة القادمة التي لها ,في الآن نفسه ,قابلية تغذية 9 مليار من البشر بصورة سليمة و توفير الشغل للعدد الأكبر و إلغاء الجوع أن تعتمد ,كما في الماضي ,على التعويض المكثف للعمل براس المال؟ ما العمل حتى يقع تكريس المبادئ المعلنة في إطار ” التوجيهات الإرادية” عبر احترام حقوق الشعوب و تطوير التنمية المستدامة؟

و أخيرا يبدو لنا أنه اضحى من الواجب إعادة طرح مسألة الحقوق و ” الأملاك المشتركة ” على جدول أعمال المناقشات الدولية. فالاحتكارات الواسع للمصادر الطبيعية لكوكب الأرض، فضلا عن مظاهرها المختلفة، إنما تعكس تبضيعها المتزايد كل يوم باسم التنمية و الرخاء على الصعيد الكوني. والحال ان هذا الأمر يؤدي الى اغفال الأبعاد التاريخية و البيئية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية للديناميكيات القائمة لكل مجتمع والى تبخيس آثارها. و في هذا الإطار، يبدو لنا من الضروري اعادة التعبئة حول قضية حقوق الإنسان في اقتران بحق الشعوب في نفاذ عادل للأرض و الماء و الثروات الطبيعية ، و حقهم في وضع منظومات الإنتاج المتطابقة أكثر مع اختياراتهم التقنية و البيئية و الاقتصادية و الثقافية و للمصلحة العامة

ندعو منظمات المجتمع المدني والمؤسسات للتعبئة ليتم فتح منتدى عالمي مخصص للنفاذ للأرض و للمصادر الطبيعية. فمن الضروري مناقشة تحليلات ومقترحات كل واحد حول التطورات الراهنة والمشاكل الرئيسية التي تسببها. نحن ندعو للاجتماع لمثل هذا المنتدى لتحديد وتنفيذ الحلول الأكثر فعالية لحلها.

منذ فترة طويلة تم الاعتراف بان مسألة النفاذ للأرض تمثل خطوة ضرورية نحو تحسين الظروف المعيشية للسكان في المناطق الريفية الأكثر عرضة وتحسين الأمن الغذائي لأكبر عدد. في عام 1979، المؤتمر العالمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية، التي نظمتها منظمة الأغذية والزراعة ،خلص إلى ضرورة توزيع الأراضي لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول اليها و المنتجين الذين ليس لديهم ما يكفي للعيش بكرامة. في عام 1996، أشارت القمة العالمية حول التغذية الذي المنعقدة من منظمة الأغذية والزراعة في روما، أن مشكلة الجوع كانت بعيدة عن التسوية ووضع أفق 2015 للتخفيض إلى النصف عدد السكان الذين يعانون من الجوع، الهدف الذي اعترف بأنها بعيد المنال ست سنوات بعد، بمناسبة قمة جديدة اجتمعت حول هذا الموضوع (2002). في عام 2004، وأشارت منظمة الأغذية والزراعة في تقريرها حول حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم، أن الجوع في ازدياد مستمر على مستوى العالم.

في هذا الإطار، المركز العالمي للدراسات الريفية والزراعة (CERAI) وعدد كبير من منظمات المجتمع المدني، نظموا في ديسمبر 2004 في فالنسيا (اسبانيا)،المنتدى العالمي للإصلاح الزراعي (FMRA)، الذي جمع 500 مندوبا يمثلون أكثر من 200 منظمة من 72 بلدا و 5 قارات. وكانت هذه فرصة لملاحظة إلى أي مدى نقص فرص النفاذ للأرض وتهميش الفلاحين يغذي الفقر، النزوح الريفي والهجرة. في ختام أعماله، أكد FMRAأن الهدف المشترك للسيادة الغذائية يتفق مع النفاذ للأرض والموارد الطبيعية، وان الاعتراف بحقوق الفلاحين في كافة أنحاء العالم يشكل شرط مسبق.

بعد عامين من الدفعة الجديدة التي قدمها FMRA، منظمة الأغذية والزراعة وحكومة البرازيل نظمتا في عام 2006، في بورتو أليغري (البرازيل) المؤتمر الدولي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية (CIRADR). الدول المشاركة في هذا المؤتمر أكدت أن انعدام الأمن الغذائي و الجوع والفقر في المناطق الريفية هو نتيجة لعدم النفاذ للموارد الإنتاجية التي يعاني منها معظم مزارعي العالم. الدور الرئيسي المحتمل للزراعات الأسرية بصفة عامة، و المجتمعات الريفية التقليدية والسكان الأصليين على وجه الخصوص، سلط عليه الضوء للترويج بالأمن الغذائي للجميع والتنمية المستدامة. خلص المؤتمر أعماله في إبراز ضرورة إعادة توجيه سياسات التنمية للسكان الأكثر عرضة عن طريق تعزيز حقوقهم، سواء الفردية و الجماعية.

التغييرات التي نلاحظها في السنوات العشر الماضية في الميدان على الساحة العالمية هي بعيدة كل البعد عن التوصيات المقدمة من قبل FMRA و CIRADR، حتى قبل أن تأخذ عملية استحواذ / تأجير الأراضي على نطاق واسع من قبل عدد قليل من الفاعلين الاقتصاديين هذا الحجم الذي عليه اليوم.

في السنوات الأخيرة، أسئلة طرحت حول الآثار الاجتماعية والسياسية للمشاريع الاستثمارية واسعة النطاق و المخاطر التي تشكلها على الأمن الغذائي والبيئة في مناسبات عديدة وفي مختلف المنظمات. عدم الشفافية من صفقات الأراضي و حرمان استخدام الشروط المحلية للحصول على الأراضي والموارد المائية تم تحديدها على أنها عوامل تعزيز طرد الفلاحين. عموما تصدير السلع الزراعية القاعدية، هو سبب مشاكل الأمن الغذائي لسكان البلدان المضيفة، خصوصا عندما تأتي هذه المزروعات لتحل محل المحاصيل الغذائية الموجهة لإنتاج الوقود الزراعي. أخيرا، غالبا هذا النوع من المشاريع يستند على نظم الإنتاج الزراعة الأحادية و الاعتماد بشكل كبير على الاستخدام المكثف للطاقة الأحفورية، التسميد الصناعي والبذور المعدلة وراثيا التي تشكل خطر تلوث التربة والمياه وفقدان التنوع البيولوجي.

بشكل عام، التحولات المعاصرة للزراعة في كثير من أنحاء العالم، و استمرار النمو السكاني، شاركوا من جهة، بإفقار عدد كبير من المزارعين والمزارعات و من جهة أخرى، طرد ملايين الأشخاص من القطاع الزراعي، ظاهرة تعكس تجميد الاستثمار والأزمة العميقة التي تواجه العديد من المناطق الزراعية. هذا الإقصاء الحقيقي لمئات الملايين من المزارعين، لعدم الحصول الكافي على الأرض ومياه الري وغيرها من وسائل الإنتاج، تزود اليوم عملية شاملة من التهميش وفقدان الكرامة، تحمل اختلالات كبرى. هذا النقص في ضمان النفاذ للأرض، المياه، و مناطق الصيد والغابات، والتطور الموازي للمشاريع الزراعية والصناعية و الغابية الضخمة يؤدي أكثر فأكثر و بصفة متكررة إلى طرد مجتمعات بأكملها من مكان عيشهم وعملهم. نحن نعلم أيضا على وجه التحديد إن هذه المناطق الريفية الفقيرة هي التي تشكل الجزء الأكبر من الذين يعانون من سوء التغذية في العالم. “حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم” من قبل منظمة الأغذية والزراعة أعدت في عام 2013، يسلط الضوء على عدد 842 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، وثلاثة أرباع منها في المناطق الريفية.

وقد أعلنت الأمم المتحدة عام 2014″ سنة الزراعات العائلية ” و تدعو إلى وضع هذا النموذج في صلب السياسات و الاستثمارات الزراعية ،اعترافا بخصوصياتها وقدرتها على زيادة الإنتاج الغذائي مع الحفاظ على النظم الإيكولوجية ، لتوليد فرص العمل و الحد من الفقر. في لحظة تاريخية أين هذه الزراعات العائلية لم تكن أبدا مهددة إلى هذا الحد في أنحاء المعمورة، هذا القرار يأخذ توجها واضحا وبعدا خاصا. العديد من ا لمبادرات تم اتخاذها في هذا الاتجاه والحوار بين الحكومات الوطنية والمجتمع المدني و الوكالات المتعددة الأطراف تم تنشيطها على أسس جديدة، بما فيها على وجه الخصوص مسألة الحق في الأرض والموارد الطبيعية. احد أكثر هذه المبادرات أهمية هي تلك للجنة الأمن الغذائي (ل.ا.غ)، والتي تضم كلا من الدول والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني، والتي اعتمدت في عام 2012 “التعليمات الطوعية من اجل حكم مسؤول لمخططات الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني.”.بعد عامين من المفاوضات، وكانت هذه التوجيهات تمثل تعبيرا عن توافق واسع لتعزيز الحكم المسؤول للأرض كرد على عملية الاستيلاء. اجتمع ف يروما يوم 21 فبراير عام 2014،منتدى المزارعين دعا بجدية الحكومات لتنفيذ القرارات التي اعتمدها المؤتمر الدولي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية (م.د.ا.ز.ت.ر، 2006) و لجنة الأمن الغذائي (ل.ا.غ).